ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟

«أكبر حليف إسلامي لإسرائيل».. ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟

  • «أكبر حليف إسلامي لإسرائيل».. ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟
  • «أكبر حليف إسلامي لإسرائيل».. ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟
  • «أكبر حليف إسلامي لإسرائيل».. ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟
  • «أكبر حليف إسلامي لإسرائيل».. ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟
  • «أكبر حليف إسلامي لإسرائيل».. ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟

اخرى قبل 5 سنة

«أكبر حليف إسلامي لإسرائيل».. ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟

في نهاية أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، وصل رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأذربيجانية نجم الدين صادقوف إلى إسرائيل لإجراء صفقات أمنية بين الطرفين. استُقبل الرجل بحفاوة من قبل نظيره الإسرائيلي، الجنرال غادي أيزنكوت، والذي اصطحبه لزيارة وحدات مختلفة من قوات الدفاع الإسرائيلية، لتحلّ هذه الزيارة النوعيّة ضمن إطار العلاقات العسكرية والأمنية الاستثنائيّة بين تل أبيب والعاصمة الأذربيجانيّة باكو، والتي تحظى بدعم أمني عسكريّ كبير على حدودها مع الغريم إسرائيل الأكبر في المنطقة: إيران.

هذا التقارب بين أذربيجان وإسرائيل يجعل كلًّا من إيران، بالإضافة إلى الجارة أرمينيا المتنازعة مع أذربيجان على مشاكل حدوديّة، في حالة تخوّف دائم من فاتورة هذا التقارب على كليهما، فإيران ترى أن أقلّ ما يمكن أن ينالها هو التجسس الإسرائيلي عليها من الأراضي الأذربيجانية القريبة، فيما ترى أرمينيا الأسلحة الإسرائيلية المورّدة للأذربيجانيين قد تغيّر معادلة الصراع لصالح عدوها الأذربيجاني.

كيف أصبحت أذربيجان أقرب شريك إسلامي لإسرائيل؟

ترتبط إسرائيل بعلاقات توصف بـ«العميقة» مع أذربيجان منذ أكثر من 25 عامًا؛ إذ سرعان ما أقدم الاحتلال الإسرائيلي على الاعتراف مبكّرًًا باستقلال أذربيجان، كان ذلك في العام 1991 بعد وقت قصير من انسحابها من الاتحاد السوفيتي، ثم افتتحت بعد عامين سفارتها في العاصمة باكو؛ لتصبح زيارة المسئولين الإسرائيليين على أعلى المستويات لأذربيجان أمرًا لا ينقطع.

الرئيس الإسرائيلي السابق بيريز خلال زيارته لأذربيجان

وقد كان عرّاب هذه العلاقات هو وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ويذكر تقرير صحيفة «جيروسالم بوست» الإسرائيلية أن «الكثير من الفضل في زيادة الدفء يذهب إلى ليبرمان، الذي ساعدت استراتيجيته في السياسة الخارجية على تحويل أذربيجان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إلى شريك استراتيجي لدولة إسرائيل، أدرك ليبرمان الأهمية الإستراتيجية والجيوسياسية لأذربيجان في المنطقة»، ويضيف التقرير أنه « البراجماتي الذي يدافع بشدة عن مصالح بلاده، يسعى ليبرمان إلى أصدقاء حقيقيين لإسرائيل واهتمامه بالمنطقة له ما يبرره، فهذه هي زيارته الرسمية الأولى لأذربيجان كوزير للدفاع، وتفاعلاته الدافئة والمخلصة تعزز هدف تعزيز العلاقات».

وتضيف الصحيفة في تقرير آخر: «تبقى أذربيجان واحدة من الدول القليلة ذات الأغلبية المسلمة التي تعترف بإسرائيل بشكل كامل، وتطبع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة اليهودية، حتى أنه قيل أنه لا يوجد بلد في أوراسيا تربطه علاقات أوثق أو أكثر دفئًا مع إسرائيل من أذربيجان، وقد ذهب العديد من خبراء السياسة الخارجية أبعد من ذلك ليشمل العالم عندما وصف أذربيجان بأنها أقرب شريك إسلامي لإسرائيل».

وتتويجًا لهذه العلاقات الدبلوماسية، أدركت الحكومة الإسرائيلية أهميّة التعاون مع هذا البلد المسلم الذي تقع على حدوده الجنوبية إيران في المجالات الاقتصادية والثقافية والأمنية، وهرولت نحو نفط أذربيجان حتى أصبحت تحصل على ثلثي نفطها المستهلك من هذا البلد، ما يعادل 40٪ من نفط أذربيجان المصدّر للخارج، وتوسّعت التجارة بين البلدين نحو مجالات اقتصادية عدة، كالزراعة والتكنولوجيا والتعاون العسكري، فبلغت قيمة التجارة السنوية بين البلدين نحو 4.5 مليار أهمها صناعة النفط والغاز.

فيما أخذت أذربيجان بالنهم من الأسلحة الإسرائيلية حتى أصبحت أحد أكبر أسواقها، فخلال العامين الأخيرين اشترت باكو أسلحة إسرائيلية بقيمة 385 مليون دولار، وفي العام 2016 كانت أذربيجان ثاني أكبر متلق للأسلحة الإسرائيلية، والثالثة في العام 2017.

الأراضي الأذربيجانية «جبهة متقدّمة» للتجسس وتهديد إيران

في الفاتح من مايو (أيار) الماضي، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام شاشة عرض عملاقة، في مؤتمر صحافي بمقر وزارة دفاع الاحتلال يلخص أهم المعلومات التي جاءت في 110 آلاف صفحة من وثائق وصور، زعم أنّها أصلية وخاصة بالأرشيف النووي الإيراني.

وزير الخارجية الأذري إلمار محمدياروف (يسار) يصافح الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز في القدس

بعد أيام من التساؤل حول كيفيّة حصول نتنياهو على هذه الأوراق، تحدّثت تقارير عن استخدام الاستخبارات الإسرائيلية لأذربيجان لسرقة الأرشيف النووي الإيراني، لكن بالرغم من نفي أذربيجان لصحة هذه التقارير؛ إلا أن مصادر إسرائيلية رجحت أن يكون عملاء جهاز الاستخبارات الخارجي الإسرائيلي (الموساد) هم من نقلوا الأرشيف من إيران إلى أذربيجان، ثم إلى إسرائيل.

وسبق أن بيّنت وثيقة نشرت على موقع «ويكيليكس» أن توقيع إسرائيل لصفقات أسلحة بمئات ملايين الدولارات مع أدربيجان يهدف من جراء هذه الصفقات إلى التجسس على إيران من خلال جارتها الشمالية، وضمان وجود قاعدة كبيرة لجهاز «الموساد» تستغل القرب الجغرافي من إيران في إجراء عمليّات تجسس وتنصت ومراقبة داخل الأراضي الإيرانية.

وحسب الوثيقة فإن الهدف الأساسي لإسرائيل في هذه العلاقات هو «ضمان أذربيجان كحليف ضد إيران، وآلية للحصول على معلومات استخبارية حول إيران، إضافة لتسويق منتوجاتها العسكرية»، وتساعد الأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عدة عوامل في تقديم مساعدة قيمة للتجسس ضد إيران، أبرزها الجالية الأذرية الكبيرة جدًا في إيران والقرب الجغرافي بين الدولتين، كما أن في أذربيجان جالية يهودية قديمة تشكّل رابطة قوية مع دولة الاحتلال التي تريد لأذربيجان أن قاعدة متقدّمة في الفناء الخلفي لإيران.

وفي أبريل (نيسان) 2018 تحدث الإعلام الإسرائيلي عن توقيع الحكومة الإسرائيلية مع الولايات المتحدة سلسلة اتفاقيات عسكرية مع عدة دول بينها أذربيجان؛ مما حدا بإيران للاعتقاد أن باكو ستسمح للقوات الجوية الإسرائيلية بالإقلاع من قواعدها، وذلك ردًا على ما أثير من نية طهران شن حرب شاملة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ولم تكن تلك المرة الأولى التي يتحدث فيها عن احتمال استخدام إسرائيل للأراضي الأذربيجانيّة لضرب إيران.

ففي نفس الشهر من العام 2012، نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية ما يفيد بمحاولة إسرائيل إيجاد موطأقدم في القواعد الجوية لأذربيجان بغية استخدامها في حال لأي هجوم إسرائيلي محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، إذ إنّ الجزء غير المعلن من التحالف الإسرائيلي – الأذري يتعلّق بالتعاون الأمني بين البلدين، وهو ما يعزز مخاطر توجيه الإسرئيليين ضربة لإيران بعد أن «تمكّنت من شراء مجال جوي»، وتعتقد إيران أن أذربيجان دعمتفِرق اغتيال إسرائيلية تدرّبت على استهداف العلماء الإيرانيين.

وينظر الإسرائيليون إلى جار إيران الشمالي أذربيجان بمبدأ «عدو عدوي هو صديقي»، إذ تخشى أذربيجان من التأثير الديني الإيراني على مجتمعها العلماني، ولا تريد أي تدخل إيراني بين مواطنيها، وتعتبر إيران حليفةً لأرمينيا التي تعيش معها صراعًا سياسيًّا وعسكريًا، ناهيك عن أنها تريد التقرّب من الولايات المتحدة من خلال علاقتها بإسرائيل لخدمة لمصالحها، وتعتقد أذربيجان أن طهران تقدّم دعمًا للجماعات المناهضة لحكومتها أو على الأقل تحتفظ بعلاقات معهم في البلد المجاور، كما أن باكو حذرة إلى حد كبير من الأقلية الأذربيجانية في إيران، بدليل استبعاد الوفود الايرانية من مؤتمرات الشتات التي يتم رعايتها رسمياً في باكو خلال عقدين من الزمن، وحدث أن اعتقلتأذربيجان أشخاصًا لشُبهة تجسّسهم لحساب إيران واتهمتهم بالتخطيط للقيام بأعمال إرهابية ضد سفارات إسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية أخرى على أراضيها.

الحرب بين أذربيجان وأرمينيا.. إسرائيل تدخل على الخطّ لدعم حليفتها بالسلاح

في العام 2017، قصفت طائرة مسيرة من طراز «Orbiter 1K» انطلقت من الأراضي الأذربيجانية موقعًا للجيش الأرميني في منطقة مرتفعات «قرّة باغ» المتنازع عليها، سرعان ما كُشف أنها إسرائيلية الصنع، والأخطر أن من قام بهذه الضربات نيابة عن أذربيجان هم إسرائيليون. ولم تكن تلك الحادثة الأولى؛ إذ إنه في العام 2016، استخدمتأذربيجان طائرة إسرائيلية مسيرة انتحارية أخرى، من طراز «هاروب» تابعة لشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية؛ مما أدى إلى مقتل سبعة أرمينيين.

صورة لطائرة مسيرة إسرائيلية الصنع استخدمتها أذربيجان وانفجرت في منطقة قرة باغ – المصدر: شبكات التواصل الاجتماعي

في المحصلة، فإن أرمينيا التي تقاتل أذربيجان منذ حوالي 25 عامًا على إقليم «ناغورنو كرباخ» تدرك خطورة التحالف الإسرائيلي الأذربيجاني في هذا الصراع، إذ يستخدم جيش أذربيجان في معاركه ضدّها أسلحة ووسائل قتالية إسرائيلية الصنع، مقابل اتخاذ دولة الاحتلال الحدود الأذرية الجنوبية منطقة نفوذ استخباراتية ضد إيران، وتبيعدولة الاحتلال أنظمة رادارية لأذربيجان بالإضافة إلى طائرات بدون طيار، وتقنيات تكنولوجية متطوّرة تتعلق بالطائرات المسيّرة تحسباً لحرب محتملة مع أرمينية.

وتحاول الصحافة الإسرائيليّة رسم صورة متباينة عن وضع اليهود في أرمينيا مُقابل أذربيجان، كأن تتحدث صحيفة «جيروسالم بوست» الإسرائيلية عن ارتفاع مستوى معاداة السامية في أرمينيا كأعلى مستوى بين جميع الجمهوريات السوفيتية السابقة ودول أوروبا الشرقية، حتى أن الأرمن «أكثر معاداة للسامية من الإيرانيين المسلمين». وقد جاء في التقرير أنّه «في أرمينيا، فإن الكتب المعادية للسامية والبرامج التليفزيونية وتدنيس النصب التذكاري للهولوكوست في البلاد كلها أمور شائعة، وكثير من الأرمن يسمون اليهود «أكار» ، وهو ما يعني الصابون في الأرمن، ويشير إلى الممارسة النازية لتحويل جثث ضحايا معسكرات الإبادة إلى صابون ومحافظ وأغطية مصابيح».

في المقابل، تتغنى إسرائيل اسرائيلي بممارسة اليهود في أذربيجان حرية العبادة في سبع معابد وحفنة من المدارس اليهودية دون أي خوف، باعتباره دليلًا على غياب معاداة السامية في أذربيجان، ويذكر التقرير السابق أنه «على النقيض من ذلك، فإن مشكلة اللا سامية الدنيئة غير موجودة في أذربيجان منذ القرن الخامس وحتى اليوم عاش اليهود الأذربيجانيون في سلام وازدهار، وخلال المحرقة عملت أذربيجان كمأوى لليهود الأوروبيين الهاربين من فظائعه».

لكن هناك ما يفند الصورة الوردية التي ترسمها دولة الاحتلال لأذربيجان، إذ يؤكد تقرير منظمة العفو الدولية قيم سجل حقوق الإنسان الدولة خلال موسم 2017 / 2018 على أن السلطات الأذربيجانية «كثفت حملة القمع على الحق في حرية التعبير، لا سيما بعد الكشف عن الفساد السياسي على نطاق واسع، فقد تم حجب وسائل الإعلام المستقلة واعتقال أصحابها».

كما يشير التقرير إلى أن سجل أذربيجان مليء بالفساد، ويزيد فيها التشويش على منتقدي الحكومة، وخنق الصحافيين، وسلسلة من القوانين التي تعاقب الأقليات في البلاد، ويشبه التقرير تصرفات حكومة الاحتلال إلى حد كبير بأذربيجان، حيث إن «سجلها المريب في حقوق الإنسان مخبأ وراء غطاء من التسامح، ولكن مع تاريخ طويل من العلاقات مع مثل هذا النظام المشكوك فيه، ربما لا يفاجئنا أن إسرائيل بدأت تبدو وكأنها أذربيجان»، حسب التقرير.

 

التعليقات على خبر: «أكبر حليف إسلامي لإسرائيل».. ما سرّ العلاقات الاستثنائيّة بين أذربيجان وإسرائيل؟

حمل التطبيق الأن